أينما يممت وجهك في ثنايا ورشته المتواضعة ستجد إبداعا يستحق الاحترام، و كما يقال: الحاجة أم الاختراع. لقد استطاع عبد الله بابتسامته و ذكائه كسب قلوب سكان مدينته الذين اتفقوا على ابداعه الذي مكنهم من حل الكثير من المصاعب من نقص في قطع الغيار إلى تبسيط المعدات المعقدة و جعلها طيعة في أيديهم مرورا بمساهمته في مساعدة المعوقين للحصول على سيارات بنفس مقاسات السيارات العادية رغم بساطة معداته و بدائية ورشته المتناثرة و رغم خجله و ابتسامته التي قهر بها الحاجة.
تقدمي زارته في ورشته لتجري معه مقابلة اعترافا منها بموهبته المهمشة. كانت الفرحة تلوح من وجهه وهو ينفض لوحة ورشته ليعقها أمام الكاميرا، في صورة إبداعية لم يدرك صاحبها أن من جاء لإجراء المقابلة معه ذكره ما يقوم به صاحب الورشة من نفض للغبار عن لوحته -أو نصب ورشته- و تعليقها بما يفعله الآباء عند موت أبنائهم، في تعبير لاشعوري بمرارة التهميش الذي تلاقيه تلك الورشة.
الاسم عبد الله ولد بودريكه، تاريخ الميلاد : 1958 في مدينة أطار.
تقدمي: ماهو مستواكم الدراسي؟
عبد الله: -أجاب بعد أن نظر إلى الأرض مبتسما- في الحقيقة لم يسبق لي أن دخلت المدرسة.
تقدمي: الكثير من سكان آدرار و خصوصا مدينة أطار يتحدثون عن مواهبك فهل كان خلفها معلم تلقيتم تكوينا مميزا على يديه؟
عبد الله: لا لم نتلق أي تكوين
تقدمي: سمعنا باختراعاتكم لكن قبل أن نغوص في تفاصيلها، نريد أن نعرف هل قمتم بتكوين بعض الشباب على مثل هذه الأعمال المهنية و هل هي مربحة؟
عبد الله: نعم لقد قمت بتكوين الكثير من الشباب و لديهم الآن ورشاتهم الخاصة، أما من ناحية الاستفادة المادية فهي أكيدة.
تقدمي: كم من الزمن يحتاج إليه شاب يريد أن يتدرب معكم؟
عبد الله: في الحقيقة أعتقد بأن أي شاب موهوب سيتدرب معنا هنا لمدة سنتين، من المؤكد أنه سيتقن هذا المجال.
تقدمي: هل ما نراه منجرة أم مركز لإصلاح السيارات أم لإصلاح الادوات الزراعية؟
رد عبد الله مبتسما: في الحقيقة أنا أسميها الورشة الميكانيكية للمعدات الزراعية.
تقدمي: الأخ عبد الله هل تتذكر أول جهاز قمت باختراعه و متى كان ذلك؟
عبد الله: أول اختراع أو في الحقيقة أول تحويل ناجح قمت به كان لمضخة للمياه تعمل بالبنزين حيث قمت بتحويلها كي تعمل بالغاز و كان ذلك سنة 1976.
تقدمي: حدثنا عن آخر الأجهزة التي قمتم باختراعها؟
عبد الله: لقد لاحظنا أن العالم اليوم بدأ بالتوجه نحو الطاقة الصديقة للبيئة أو الطاقة الشمسية لذلك قمت باختراع هذا المضخ الذي يعمل بالطاقة الشمسية بعد تركيبه على البطارية 12 ، لكن و للأمانة فإنني لم أتمكن بعد من صناعة اللفائف (Bobine) - لكني صنعت جميع الأجزاء المتبقية - و التي تمنحه الطاقة ليعمل طيلة اليوم بدون توقف حسب رغبة صاحبه. كما أنه يعمل في الآبار يمكنه أيضا أن يعمل مع المعزز (surpresseur)، لرفع الماء إلى سطح المنازل بتكلفة بسيطة و بطاقة تشغيل يمكنها المواصل طيلة اليوم بعد أن نشتري له لفيفة ثم نركبها عليه.
تقدمي: هل تلقيتم دعما يشجعكم على المواصلة في مثل هذه الأعمال القيمة؟
عبد الله: نعم منحت شهادة تقديرية (ميدالية) من قبل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) في احتفال بتاريخ 16 من أكتوبر 1993. تشجيعا لي على اختراعي لمحركات زراعية تعمل بالغاز.
تقدمي: حدثنا عن اختراعاتك في المجال الإنساني (سيارات للمعوقين)
عبد الله: لقد قمت بمساعدة بعض المعوقين حيث تمكنت بفضل الله من تحويل 3 سيارات عادية إلى سيارات للمعوقين، بنفس المعايير و بنفس قدرة التحكم.
تقدمي: هل تلقيت الدعم من الدولة؟
عبد الله : لا أبدا لقد قمت بكل الإجراءات الإدارية بغية الحصول على دعم الدولة لكن جهودي لم تأتي أكلها.
تقدمي: ماهي تلك الإجراءات الإدارية؟
عبد الله: لقد طرحنا القضية على جهات مثل الوالي و المندوبية و هم بدورهم رفعوا تقاريرهم بالأمر إلى الجهات المختصة لكننا لم نتلقى أي جواب.
تقدمي: شكرا للمخترع عبد الله ولد بودريكه، سوف نعود إليك بعد مشاهدة السيارات و إجراء مقابلة مع رئيس الجمعية الموريتانية لرعاية المعوقين محمد يحي ولد محمد البخاري أحد المستفيدين من اختراعاتك.
انتظرونا في الجزء الثاني...
تقدمي في البداية عرفنا عليكم: